الصفحة الرئيسية  ثقافة

ثقافة رؤوف بن يغلان للنخب السياسية: «لقد سقطت أقنعتكم، لقد تعرّيتم»

نشر في  10 سبتمبر 2014  (12:41)

لطالما كان الممثل المسرحي رؤوف بن يغلان من بين المثقفين القلائل الذين تشعر وانت تتحدث اليهم انه فنان محمّل بقضايا  لا التي تهم الشأن الثقافي فقط بل ايضا الاجتماعي والسياسي، فرؤوف بن يغلان هو ذلك الفنان الذي لا يفوّت فرصة اي حديث اعلامي او عمل مسرحي دون الحديث عن الثقافة والسياسة والعلاقة بينهما .. كما انه حاول في الآونة الأخيرة ان ينتقل في مختلف ارجاء البلاد للحديث مع الشباب عن مشاكلهم وهمومهم وهذا ليس بالغريب عن ممثل انجز احدى مسرحياته ونقصد «حارق يتمنى « بعد عدد من اللقاءات مع مجموعة من الحراقة...
اخبار الجمهورية كان لها هذا اللقاء مع رؤوف بن يغلان حيث تحدث مطوّلا عن الفن بعد الثورة وبطبيعة الحال عن المشهد السياسي وجديده الفني   

الفن لم يتحرّر بعد الثورة

عن الفن ما بعد الثورة أكد بن يغلان ان الفن في الظاهر يبدو أنه تحرّر و لكن في الحقيقة لا، لأن حريّة التعبير لاتكفي إذا لم نتحرّر من الرواسب و الممنوعات التي تكرّسها العقليّة السائدة في مجتمعنا بكل فئاته وشرائحه، زد على ذلك أن النمطية الثقافية التي كانت سائدة قبل الثورة لا تزال باقية والدليل على ذلك أنّ المهرجانات لم تتغيّر بل تواصلت بنفس الطرق وكأن الثقافة لاتحتاج إلى تغيير. حريّة التعبير اليوم أصعب من قبل إذ لايكفي أن نكون أحرارا بل يجب كذلك أن نكون متحرّرين من الرغبة في التسلّط على الآخر. نحن نتخبّط في عقد و في تناقضات لابد لنا من فضحها ومعالجتها بجرأة و تحدّ حتى نستطيع المرور لما هو أرقى وأسمى ولا ارى أقدر من الفن والفعل الثقافي على تحقيق ذلك، وهذا ما اردت ابلاغه أثناء عروضي ولقائي مع الشباب خاصة».  
وأكد بن يغلان أن الحلّ للشباب ليس أن يحرق «للمبادوزا» بل أن يحرق للثقافة والإبداع حتى يستثمر قدرته في التحدّي  إلى ما هو أسلم وأجدى وأكثر إفادة واستفادة

هذا ما يقوله بن يغلان للشباب التونسي

وواصل بن يغلان قائلا: «لقد جئنا لنقول للشباب إن الشجاعة والجرأة اللّتان تدفعهما لتحدّي مخاطر البحر ، يكون من الأجدر والأفضل أن يتمّ استثمارهما في الفن والثقافة وأن يكتشفوا بذلك كيف يمكن لهم التعبير لتحقيق مطامحهم واستثمار طاقاتهم في مواجهة التشاؤم الذي يحاصرهم والأسى الذي ينخر قواهم والإحباط الذي يشلّهم ويعوق عزائمهم   
لكل هؤلاء قلت و أقول : تعالوا اكتشفوا كيف أن الثقافة و الفنون يستطيعون مساعدتكم على إعادة شحن طاقاتكم  وما فيكم من قدرات و مواهب ترتفع بكم إلى ما هو أجمل وما هو أصدق وما هو أعمق لتحقيق ذواتكم واسترجاع الثقة في أنفسكم..
و قد كان هذا شعارا جمعت به مجموعات من الشباب في لقاءات تحسيسيّة و أيّام تكوينيّة حول الثقافة التشاركيّة و الطرح المدني للثقافة قمت  بتأطيرها في مناطق وولايات عديدة مثل تطاوين وجبنيانة و العامرة بولاية صفاقس . و أخير في الملاّسين و في المعمورة بولاية نابل. الحرقة للمبادوزا هي حرقة للمجهول أمّا الحرقة للإبداع فهي حرقة لتحقيق الذات و اكتساب التوازن . هذا ما يمكن أن أقوله بصفتي فنّان و من موقعي كناشط ثقافي، لأني أعتقد أن الفعل الإبداعي و المشاركة فيه يساعد على التحرّر و الإنعتاق .إن العاطل عن العمل , بقدر حاجته للشغل بقدر ما يحتاج لثقافة تضيئ له السبيل للبحث عن الحلول وتساعده على توضيح الرؤية للخروج من أزمة يواجهها أو معالجة مشكل قد يعترضه.إن إحساس العاطل بفقدان الكرامة بسبب حرمانه من الشغل إضافة إلى حرمانه من التعبير عن ذلك يزيد للإحباط حدّة و الإحتقان شدّة 

بن يغلان والسياسة والسياسيين

وبخصوص علاقة المشهدين السياسي والثقافي فأكد رؤوف بن يغلان أنّ  التغييب الذي حصل ولا يزال تجاه الطرح الثقافي في شأن الثورة سيكون له انعكاسات كبيرة وخطيرة جدا على مصير البلاد والعباد لما في هذا التغييب من دلائل أولها تكريس الخلط بين الحق والباطل وبين التصريح بالحقائق من جهة والخدع والزيف من جهة أخرى، واعتبر محدثنا ان اهل السياسة يتعمدون تناسي القطاع الثقافي لأن التوعية الثقافية الشاملة تهدّد كيان الرغبة في السلطة والهيمنة عند أهل السياسة وتنزع سلطة الوقار الذي تعوّد الشعب أن ينزعها عن نفسه لحساب أهل السلطة ـ والكلام لبـن يغلان ـ

نحن على أبواب ديكتاتوريّة جديدة

«نحن على أبواب ديكتاتوريّة جديدة ألا وهي دكتاتوريّة الفلوس»، هذا ما اكده صاحب «نعبّر والا ما نعبرش» الذي بيّن ان المال السياسي هو الفساد بعينه الذي يتهافت الجميع عليه، خاصة النخب السياسيّة، وقال: «لهؤلاء أقول لقد سقطت أقنعتكم ، لقد تعرّيتم  نعم تعرّيتم. الكل يعلم أنكم خدعتم الشعب بعد أن حرّركم و خنتم الأمانة التي سلّمها لكم. إنّه لعار عليكم أن تفرضوا عليه مهازلكم  ونحن في هذه المرحلة الإستثنائيّة والتأسيسيّة التي تعيشها بلادنا. تبيعوننا وتشترون كما يحلو لكم . هل يٌعقل ما نشاهده: سوق و دلّال ـ بيع وشراء للترشحات في القائمات الإنتخابيّة . أقولها و أقولها مع كامل إحتراماتي و تقديري للشرفاء منكم وهم قلّة مع الأسف: إن كنتم اليوم هكذا فما عسانا أن ننتظر منكم غدا؟ كيف هذا التكالب على السلطة و هذه الصراعات الغير نزيهة و المفتعلة لا تؤثّر علينا نحن الفنّانون؟ كيف كل هذا لايؤثر  على  مستقبل الثقافة والإقتصاد والتعليم في بلادنا؟ كيف لكل هذا ألاّ يؤثّر على شبابنا و مصير كل فرد منّا؟


«لهؤلاء أحمّل المسؤولية»

وفي سياق آخر وجه رؤوف بن يغلان رسالة الى النخب غير المتحزبة حيث قال: «رغم كل ما ذكرت لابدّ لي أن أقول إنّ مسؤوليّة ما سنؤول إليه ليست للنخبة السياسيّة فقط بل و ايضا للنخبة النقابيّة والثقافيّة و الفنيّة والجامعيّة  والإعلامية و كل أهل الرأي . أمّا الشعب فهو المحدّد الأول ولا أحد سواه وعليه أن لا يسلّم نفسه للأحزاب دون شروط. في الديمقراطيّة الأحزاب لا تكفي لا بد من تنظيم مدني حر ومستقل عن كل التجاذبات السياسيّة يحمي مكاسب الشعب، إذ ليس للشعب أن يخضع لإرادة الأحزاب بل على الأحزاب أن تخضع لإرادته ومطالبه ومطامحه.ولهذا الغرض لا بد على النخبة الغير المتحزّبة أن تأخذ على عاتقها مسؤوليّة تحقيق هذه المسألة».


رؤوف بن يغلان:
«مترشّح للرئاسة»

وختاما وبخصوص جديده الفني قال: «أنا بصدد إعداد مسرحيّتي الجديدة والتي سأقدّمها في أكتوبر القادم إن شاء الله عنوانها المؤقّت «مترشّح للرئاسة».  الشخصيّة الرئيسيّة فيها تترشّح للرئاسة. أقوم بتسجيلات و لقاءات مع مجموعات في عديد المناطق حتى أتحصّل على أكثر مايمكن من شهادات أستند إليها   للإنجاز و لعلّ هذه المسرحيّة ستكون آخر عمل من نوع الوان مان شو أقدّمه».

سناء الماجري